الثلاثاء، 2 يونيو 2009

من اروع القصائدفي مدح النبي لشاعر اليمن الكبير (عبدالله البردوني)


بشرى من الغيب ألقت في فم الغـار = وحيا وأفضت إلـى الدنيـا بأسـرار
بشرى النبوّة طافت كالشـذى سحـرا = وأعلنت في الربـى ميـلاد أنـوار
وشقّت الصمت والأنسـام تحملهـا = تحـت السكينـه مـن دار إلـى دار
وهدهدت " مكّة " الوسنـى أناملهـا = وهـزّت الكون إيذانـا بإسـفـار
فأقبل الفجر من خلف التـلال وفـي = عينيـه أسـرار عشـاق وثوار
كأنّ فيض السنى في كـلّ رابية= مـوج وفـي كـلّ سفـح جـدول جـاري
تدافع الفجر في الدنيـا يـزفّ إلـى = تاريخهـا فجـر أجيـال وأدهــار
واستقبلـت طفـلا فــي تبسّـمـه = آيـات بشـرى وإيمـاءات إنـذار
وشبّ طفل الهدى المنشـود متّـزرا = بالحـقّ متّشحـا بالنـور والـنـار
في كفّه شعلـة تهـدي وفـي فمـه = بشرى وفي عينـه إصـرار أقـدار
وفي ملامحـه وعـد وفـي دمـه = بطـولـة تتـحـدّى كــلّ جـبّـار
وفاض بالنـور فاغتـم الطغـاة بـه = واللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
والوعد كالنور يخزي الظالمين كمـا = يخزي لصوص الدجى إشراق أقمـار
نادى الرسول نداء العـدل فاحتشـدت = كتائـب الجـور تنضـي كـلّ بتّـار
كأنّـهـا خلـفـه نــار مجنّـحـة = تعـدو قدّامـه أفــواج إعـصـار
فضجّ بالحقّ والدنيـا بمـا رحبـت = تهـوي عليـه بأشـداق وأظـفـار
وسـار والـدرب أحقـاد مسلّخـة = كأنّ في كلّ شبـر ضيغمـا ضـاري
وهبّ فـي دربـه المرسـوم مندفعـا = كالدهـر يقـذف أخطـار بأخـطـار
فأدبر الظلـم يلقـي هـاهنـا أجـلا = وهاهنـا يتلقّـى كـفّ ... حفّـار
والظلم مهما احتمت بالبطش عصبته = فلم تطـق وقفـة فـي وجـه تيّـار
رأى اليتيـم أبـو الأيتـام غايـتـه = قصوى فشـقّ إليهـا كـلّ مضمـار
وامتدّت الملّة السمحـا يـرفّ علـى = جبينهـا تـاج إعـظـام وإكـبـار
مضى إلى الفتح لابغيـا ولاطمعـا = لكـنّ حنـانـا وتطهـيـرا لأوزار
فأنزل الجـور قبـرا وابتنـى زمنـا = عـدلا ... تدبّـره أفكـار أحــرار
ياقاتل الظلم صالـت هاهنـا وهنـا = فظائع أيـن منهـا زنـدك الـواري
أرض الجنوب دياري وهي مهد أبي = تئـنّ مـابيـن سفّـاح وسمسـار
يشدّهـا قيـد سجّـان وينهشـهـا = سوط ويحدو خطاها صوت خمّـار
تعطي القيـاد وزيـرا وهـو متّجـر = بجوعها فهو فيهـا البايـع الشـاري
فكيف لانت لجـلّاد الحمـى عـدن = وكيف ساس حماها غـدر فجّـار ؟
وقـادهـا زعـمــاء لايـبـرّهـم = فعـل وأقوالهـم أقــوال أبــرار
أشباه ناس وخيـرات البـلاد لهـم = يا للرجـال وشعـب جائـع عـار
يأشبـاه نـاس دنانيـر البـلاد لهـم = ووزنهـم لايسـاوي ربـع دينـار
ولايصونون عنـد الغـدر أنفسهـم = فهل يصونون عهد الصحب والجـار
ترى شخوصهـم رسميّـة وتـرى = أطماعهم في الحمـى أطمـاع تجّـار
أكـاد أسخـر منهـم ثـمّ تضحكنـي = دعواهـم أنّهـم أصـحـاب أفـكـار
يبنـون بالظلـم دورا كـي نمجّدهـم = ومجدهم رجس أخشـاب وأحجـار
لاتخبر الشعـب عنهـم إنّ أعينـه = ترى فظائعهـم مـن خلـف أستـار
الآكلـون جـراح الشعـب تخبـرنـا = ثيابـهـم أنّـهـم آلات أشـــرار
ثيابهـم رشـوة تنبـي مظاهـرهـا = بأنّهـا دمــع أكـبـاد وأبـصـار
يشـرون بالـذلّ ألقابـا تستّـرهـم = لكنّهـم يستـرون الـعـار بالـعـار
تحسّهم فـي يـد المستعمريـن كمـا = تحـسّ مسبحـة فـي كـفّ سحّـار
ويـل وويـل لأعـداء الـبـلاد إذا = ضجّ السكون وهبّت غضبـة الثـار!
فليغنـم الجـور إقبـال الزمـان لـه = فــإنّ إقبـالـه إنــذار إدبـــار
والنـاس شـرّ وأخيـار وشرّهـم = منـافـق يـتـزيّـا زيّ أخـيــار
وأضيع الناس شعب بـات يحرسـه = لـصّ تسـتـره أثــواب أحـبـار
فـي ثغـره لغـة الحانـي بأمّـتـه = وفي يديـه لهـا سكّيـن جـزّار!
حقـد الشعـوب براكيـن مسمّـمـة = وقودهـا كـلّ خــوّان وغــدّار
من كـلّ محتقـر للشعـب صورتـه = رسـم الخيانـات أو تمثـال أقــذار
و جثّـة شـوّش التعطيـر جيفتهـا = كأنّهـا ميتـه فـي ثـوب عـطّـار
بين الجنـوب وبيـن العابثيـن بـه = يوم يحـنّ إليـه يـوم " ذي قـار "
ياخاتم الرسل هـذا يومـك انبعثـت = ذكراه كالفجر فـي أحضـان أنهـار
ياصاحب المبدأ الأعلى ، وهل حملت = رسالـة الحـقّ إلاّ روح مخـتـار ؟
أعلى المباديء ماصاغـت لحاملهـا = من الهدى والضحايا نصـب تذكـار
فكيـف نذكـر أشخاصـا مبادئـهـم = مباديء الذئب في إقدامه الضاري ؟!
يبـدون للشعـب أحبابـا وبينـهـم = والشعب مابين طبع الهرّ والفـار
مالي أغنّيك يا " طه " وفـي نغمـي = دمع وفي خاطـري أحقـاد ثـوّار ؟
تململـت كبريـاء الجـرح فانتزفـت = حقدي على الجور من أغوار أغواري
يا " أحمد النور " عفوا إن ثأرت ففي = صدري جحيم تشظّت بيـن أشعـاري
" طه " إذا ثار إنشـادي فـإنّ أبـي = " حسّان " أخباره في الشعر أخبـاري
أنا ابن أنصارك الغـرّ الألـى قذفـوا = جيش الطغـاة بجيـش منـك جـرّار
تظافرت في الفدى حوليـك أنفسهـم = كأنّهـنّ قــلاع خـلـف أســوار
نحن اليمانين يا " طـه " تطيـر بنـا = إلـى روابـي العـلا أرواح أنصـار
إذا تذكّـرت " عـمّـارا " و مـبـدأه = فافخر بنا : إنّنـا أحفـاد " عمّـار "
" طه " إليك صلاة الشعـر ترفعهـا = روحـي وتعزفهـا أوتـار قيـثـار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق